التــــــــاجر و الببغــاء..
كان يا ما كان، في سالف العصر و الأوان ..كان هناك تاجر له زوجة آية في الجمال،و كان عشقه لها يفوق الخيال، فلا يجعلها تغيب عن ناظريه، للحظة من الزمان.
و لكن في يوم من الأيام ، اضطره عمله للابتعاد عن زوجته، فقصد مكانا، تباع فيه من الطيور مختلف الأنواع و الأشكال، و اشترى ببغاءً، لا يتقن فقط فن الكلام،ولكن يستطيع أن يحكي ما رآه في يومه بفصاحة الإنسان.
فأحضره لمنزله، و طلب من زوجته أن تضعه في غرفتهما، و أن يُحرص عليه في غيابه و يُصان. ثم سافر التاجر لقضاء ما عنده من أعمال.
و كان يوم الرجوع، فسارع التاجر للسؤال الببغاء، عن ما جرى و كان.. في غيابه عن الأهل و الخلان، فحكى له الببغاء ما جعله يثور على زوجته و أحد الغلمان، و لكنهما أقسما أنهما ليسا ممن يغدرون أو يخونون من أعطاهم الأمان.
و أقناعا التاجر الغلبان، أن الببغاء لفق الأكاذيب العظام، أو أنه ربما رأى ذلك في المنام.
و لكن الزوجة الداهية، فكرت في خطة تقتل بها شك زوجها من هذه الناحية، و تنتقم من الببغاء الذي كاد يفقدها رأسها الغالية، و انتظرت سفر زوجها ..ثم أمرت أحد غلمانها.. أن يقرع الطبول تحت قفص الببغاء، و من ثاني أن يرش عليه الماء، كأنها الأمطار في فصل الشتاء، و من ثالث أن يأخذ المرآة ،و أن يستمر في تحريكها أمام عيون الببغاء.. لعدد لا يحصى من المرات..و استمر الغلمان .. طوال تلك الليلية ،في تنفيذ أوامر سيدتهم بمنتهى الاتقان.
و كان يوم الرجوع، فسارع التاجر لسؤال الببغاء ، عن ما جرى في غيابه عن الأهل و الخلان، فقال الببغاء:" سيدي، لقد أرعدت و أبرقت السماء، و هطلت أمطار فصل الشتاء، فمهما سردت لك عن ما جرى و كان ..لن تتصور ما تحملته تلك الليلة، فأنا لم أذق طعم الهناء".
كان كلام الببغاء، بالكذب يُدين، فالتاجر على يقين، أنه من المستحيل أن تبرق و ترعد السماء، و هم من سكان الصحراء.
فتبين له كذب الببغاء بكل جلاء، و تأكد أن ما حكاه عن زوجته كان محض افتراء. فغضب التاجر و أخرج الببغاء من القفص، و رماه فأرداه قتيلا في الحال.
و مرت الأيام، و علم التاجر من الجيران، أن الببغاء كان يحكي صدق الكلام، و أن زوجته كانت تخونه مع أحد الغلمان،
فندم على فعله بالببغاء، و تأكد أنه اختار زوجا لا تعرف الوفاء.