بمرور الوقت ومع تزايد البرامج والخواص المبهرة ومع حرص القائمين على الشبكات الاجتماعية على إمداد مستخدميها بما يبحثون عنه من خدمات يأخذ معظمها صفة الخدمات الترفيهية،يزداد الارتباط بتلك الشبكات ويكثر الاعتماد عليها،ليس فقط كوسيلة للتعارف والاتصال،إنما كوسيلة للخروج من الآفاق الضيقة إلى آفاق أكثر رحابة يجد المراهق فيها متنفسا لما بداخله من هَم ويبحث عبرها عمن يشاركونه أحلامه وطموحاته. قد يرجع قضاء المراهق ساعات طويلة على مواقع التواصل إلى عدة أمور أخرى،من بينها عدم قدرته على التواصل مع المحيطين في المنزل أو في بيئة العمل،أو لرغبته في التواصل مع الآخرين دون الكشف عن هويته،ربما لاستخدام تلك الشبكات في نشاطات خاصة لا يريد لأحد الاطلاع عليها أو معرفة انشغاله بها،أو لانبهاره بما تتيح تلك الشبكات من برامج وألعاب. يكون المراهق عالمه الخاص عبر شبكات التواصل،لكن هذا العالم عادة ما يكون عالما غريبا وبعيدا عن الواقع،وهذا دائما ما يخلق بينه وبين الآخرين جوا من التوتر،كما يقتل روح التفاهم بينه وبينهم ويزيد من فرص الصدام.
كثر استخدام الشبكات الاجتماعية عبر الجوال الذكي،حتى إنه تبين مؤخرا أن مستخدمي شبكة فيسبوك عبر الجوال الذكي أكثر من مستخدميها عبر الحاسوب،وهذا يؤكد أن الاتجاه العام في استخدام بكات التواصل يتسم بالسرعة والعملية،ربما لضيق الوقت،وربما بسبب سهولة استخدام الجوال الذكي لخفة وزنه وإمكانية اصطحابه في مختلف الأماكن.
تشير دراسة حديثة إلى أن الشريحة العظمى من مرتادي الشبكات الاجتماعية يمثل المراهقون نسبة ليست بالهينة منها،كما توضح أن اعتمادهم على الجوال الذي يزداد بمرور الوقت،حتى إن الكثيرين منهم يستخدمونه خلال الخمس عشرة دقيقة الأولى في يومهم،بينما لا يطيق البعض منهم أن يصبر كل تلك المدة حتى يمسك بالجوال!
ورغم أن الدراسة أكدت أن فيسبوك هو البرنامج الثالث من حيث الأهمية لدى مستخدمي الجوال الذكي من المراهقين،بعد البريد الإلكتروني ومتصفح الإنترنت،سبعين بالمائة منهم يرتادون الشبكة أكثر من مرة خلال اليوم،ولو لدقائق. تصل مرات زيارة فيسبوك خلال اليوم الواحد مع بعض المراهقين إلى أربع عشرة مرة لفترة تتراوح بين دقيقتين وثلاث دقائق،ويكثر ارتياد الشبكة في المساء قبل النوم بدقائق،وقد تمتد مدة الزيارة عندها إلى نصف ساعة.
يعد التواصل عبر شبكة فيسبوك هو الخامس في الترتيب من حيث طرق التواصل مع الآخرين،بعد استخدام الرسائل النصية،وقد يتفوق التواصل عبر فيسبوك على التواصل عبر الرسائل في أيام الإجازات.
تحرص شريحة ليست بالهينة من مستخدمي الجوال الذكي على الدخول على فيسبوك أثناء التبضع،بينما يحرص المراهقون على مراجعة حسابهم الشخصي على الشبكة مرة أو مرتين أثناء التمرن أو الخروج بصحبة الأصدقاء،والمثير هو أن نسبة أكبر من مرتادي الشبكة يراجعون حساباتهم عليها أثناء مشاهدة الأفلام في السينما!
السؤال المهم هنا،فيما يقضي مرتادو الشبكة وقتهم عليها،هل في مراجعة خلاصات الأخبار،أم في التعليق على الصور والتدوينات الخاصة بأصدقائهم عبر الشبكة،أم في مشاهدة حسابات الآخرين للبحث عن صديق مناسب،أم في ممارسة الألعاب المشوقة ؟ توضح الدراسة أن مراجعة خلاصات الأخبار ومتابعة الأحداث الجارية من أقل ما قد يشغل مرتادي فيسبوك من المراهقين،بينما تحل الدردشة مع الأصدقاء في المرتبة الأولى بين اهتماماتهم،ويأتي بعد ذلك نشر التعليقات والتراسل عبر تبادل الرسائل النصية. لا يمكننا أن نجزم أن جميع مرتادي الشبكة من المراهقين يضيعون أوقاتهم في اللهو والعبث،فالكثيرون منهم يحرصون على تدوين الأشعار والقصص القصيرة وعلى تبادل الخبرات مع الآخرين،كما أن التواصل عبر الشبكة يوفر عليهم المال الذي يبذلونه في التحدث إلى أصدقائهم عبر المكالمات الهاتفية.